ما هي متلازمة غيلان باريه

متلازمة غيلان باريه (Guillain-Barré) هي مرض مناعي ذاتي نادر الحدوث، أي أنّ الجهاز المناعي لدى المريض يهاجم أعصاب الجسم السليمة عن طريق الخطأ، تحديداً الأعصاب في اليدين، والساقين، والقدمين مسبباً الشعور بالتنميل، والضعف، والألم بالأطراف، علماً أنّ 60-80% من المصابين بهذا المرض يتعافون خلال 6 أشهر من التشخيص ولا يعانون من أي مضاعفات أو أضرار عصبية شديدة على المدى الطويل، و 5-10% فقط من المصابين بهذا المرض يصابون بمضاعفات وأضرار عصبية.^[١][٢]

أنواع لمتلازمة غيلان باريه

يوجد 3 أنواع رئيسية لمتلازمة غيلان باريه، وهي:^[٣][٤]

• نوع حاد يصيب الأطراف السفلية بدايةَ ثم ينتشر للأعلى، وهو النوع الأكثر شيوعاً، ويسمى باعتلال الأعصاب المزيل للميالين، والميالين هي طبقة الدهنية التي تُغلف العصَب، تعمل كطبقة واقية للمحور العصبي وتسمح بمرور التيار الكهربائي خلال الأعصاب بفعالية و بسرعة.
• نوع يصاحبه شلل في العينين وانعدام التوازن أثناء المشي، مما ينتج عنه مشية مترنحة، ويسمى متلازمة ميلر فيشر.
• أنواع أخرى أقل شيوعا: ينتج عنها ضعف شديد في العضلات، يزداد سوءاً مع الوقت، وقد يؤثر التنفس أو القدرة على الإحساس.

أسباب متلازمة غيلان باريه

المعروف فقط أنّ متلازمة غيلان باريه تنتج عن مهاجمة الجهاز المناعي للأعصاب عن طريق الخطأ، ولكنّ سبب حدوث غير معروف، ولكن هناك عدّة نظريات تحاول تفسير ذلك:

• قد يحدث هذا الهجوم فجأة دون مُسبب، أو بعد التعافي من بعض الالتهابات الفيروسية مثل فيروس زيكا، الذي يصيب خلايا الدماغ، أو التهابات بكتيرية مثل الكامبيلوباكتر، وتسمى أيضاً بالبكتيريا المنثنية والتي تصيب الجهاز الهضمي، فيتعرف بعدها الجهاز المناعي على الخلايا العصبية على أنها أجسام تشابه أجسام الفيروس أو البكتيريا فيقوم بمهاجمتها مؤدياً إلى أعراض توجب المعالجة.^[٥]
• إجراء بعض أنواع العمليات الجراحية التي تؤدي في حالاتٍ نادرة إلى تحفيز الاستجابة المناعية للجسم بشكل مبالغ، فيهاجم الجهاز المناعي خلايا الأعصاب مسبباً أعراض توجب المعالجة، وقد لوحظ أن عمليات جراحة العظام، وجراحة الأعصاب، وجراحة الجهاز الهضمي هم الأكثر تسبباً بهذه المتلازمة.^[٦]
• أخذ بعض أنواع المطاعيم التي نادراً ما تسبب متلازمة غيلان باريه مثل مطعوم الإنفلونزا، مطعوم الكزاز، مطعوم الحزام الناري، ومطعوم ال كوفيد-19 ذو الجرعة الواحدة فقط (Johnson & Johnson) و أسترازينيكا (AstraZeneca).^[٧]

أعراض متلازمة غيلان باريه

تبدأ الأعراض بالظهور بعد مرور 3 أسابيع من الإصابة بهذه المتلازمة، وتمر بمرحلتين قبل أن تبدأ عملية التعافي:^[٨][٩]

• المراحل المبكرة: وتكون على شكل تنميل وضعف بالأطراف لا تقتصر على جهة واحدة من الجسم فقط، قد يصاحبها بعض الألم، وتبدأ الأعراض عادة من بطة الرجل وتنتشر للأجزاء العلوية من الجسم مسببةً ضعف في عضلات الجسم عامة واليدين خاصةً، وقلة القدرة على الحركة أو اختلال بالتوازن.
• المراحل المتقدمة: قد تصل إلى انعدام القدرة على الحركة دون مساعدة، صعوبة في التنفس، مشاكل في الرؤية، صعوبات في البلع وعمليات الإخراج والتبول وازدياد شدة الألم، حيث تصل الأعراض لأعلى درجاتها خلال 4 أسابيع من ظهورها وتمر بمرحلة ثبات تمتد بضعة أسابيع قبل أن تبدأ بالتحسن تدريجياً وتبدأ الاستجابة للعلاج الذي خضع له المصاب.
• بعد ذلك تبدأ مرحلة التعافي من متلازمة غيلان بيريه وتستغرق 6-12 شهراً، ويجدر بالذكر أنّ بعض المصابين قد تمدد فترة التعافي لديهم لتصل إلى 3 سنوات.

تشخيص متلازمة غيلان باريه

في بعض الأحيان يصعب تشخيص متلازمة غيلان باريه في المراحل المبكرة بسبب تشابه أعراضها التي ذُكِرت مع الكثير من الأمراض العصبية، ولذلك يطلب الطبيب الفحوصات التالية لتأكيد الإصابة بهذه المتلازمة، ويجدر بالذكر أنه لا أفضلية لفحص على فحص، وفي الغالب تُطلَب جميعها عند تشخيص هذه المتلازمة:^[١٠][١١]

• اختبار توصيل العصب: يقيس هذا الاختبار سرعة انتقال التيار الكهربائي خلال الأعصاب الحسية، المتحكمة بالألم، واللمس، والضغط، والأعصاب الحركية، المتحكمة بحركة العضلات، حيث يتم وضع قطبين أو 3 أقطاب كهربائية على الجلد بأماكن وجود نهايات العصب، ويُرسل أحد الأقطاب إشارة كهربائية عبر العصب المراد اختباره، يُسجّل القطب المُقابل سرعة وصول الإشارة الكهربائية إليه، ويحدد القطب الثالث مدى نشاط هذه الإشارة، كاشفاً بذلك وجود أي تلف عصبي يقلل توصيل التيارات العصبية خلال الأعصاب.
• البَزْل القطني: (سحب عينة من سائل النخاع الشوكي) باستخدام إبرة من أسفل الظّهر عند نهاية الحبل الشوكي، حيث يتم تحليل هذه العينة لمعرفة وجود تغييرات في تركيبة هذا السائل، وتحديد المسببات لهذه التغييرات، ثم تحديد العلاج المناسب.

علاج متلازمة غيلان بارليه

حتى الآن لا يوجد علاجٌ شافٍ لهذه المتلازمة، الأمر يعتمد فقط على انتظار تعافي الأعصاب مع الوقت مع وجود طريقة علاجية تساعد على تسريع التعافي؛ تعتمد على أخذ دم من المريض أو متبرع وتمرير الدم بجهاز مناسب، ثم إعطاء المحلول الناتج للمريض بهدف تخفيف تركيز الأجسام المضادة التي تهاجم الأعصاب في الدم.^[١٢]

العلاج من متبرع (العلاج بالجلوبيولين المناعي)

• العلاج بالجلوبيولين المناعي هو العلاج الأكثر استخداماً لمريض متلازمة غيلان بيريه.
• يتلقى المريض العلاج بالوريد كما في الصورة:

• لتحضير هذا المحلول العلاجي يتم أخذ دم من مُتبرَّع وفصل الأجسام المضادة عن باقي مكونات الدم، وإعطاؤها بالوريد للمصاب بمتلازمة غيلان باريه، وعند دخولها مجرى الدم تقلل من تأثير الأجسام المضادة المُهاجمة للأعصاب داخل جسم المصاب.
• يظهر تأثير العلاج خلال 3 أسابيع من أخذ الجرعة، ويكرر كل 3-4 أسابيع حسب الاستجابة والحاجة.

العلاج من المريض نفسه (فصل الدم)

• بطريقة تشابه غسيل الكلى، يتم إيصال المريض بجهاز تنقية الدم حيث يُركّب أنبوب صغير في الوريد الموجود بإحدى الذراعين، ويُسحب الدم على دفعات، ثم يمر الدم المسحوب إلى الجهاز ويتم فصل مكوناته عن بعضها؛ فتفصل خلايا الدم والصفائح عن البلازما (وهي المادة السائلة المكونة للدم)، ويتم تجميع خلايا الدم والصفائح للمصاب وإعادتها عبر أنبوب مُركَّب في وريد الذِّراع الأخرى، في هذه الأثناء تؤخذ البلازما التي تم فصلها وتتم تصفيتها وتنقيتها من الأجسام المضادة للأعصاب وإعادتها بعد ذلك لجسم المصاب.
• في حال عدم التمكن من تصفية البلازما التي تم فصلها يتم التخلص منها وإعطاء المصاب محلول وريدي بديل للبلازما يحتوي على الألبومين، وهو البروتين الأساسي المكون لبلازما الدم، وفي هذه الحالة تسمى العملية تبادل البلازما.
• اجلسة الواحدة من تبادل البلازما تتخلص مما يقارب من 65% -70% من الأجسام المضادة للأعصاب والمسببة لأعراض المتلازمة، ويمكن تكرار العلاج، فبعض المصابين قد يخضعون ل2-5 جلسات أسبوعية حسب الحاجة والاستجابة.

علاجات أخرى لتخفيف الأعراض المصاحبة للمتلازمة

• مسكنات الألم.
• مميعات الدم لمنع حدوث تجلطات في حال انعدام القدرة على الحركة.
• التقليب المستمر لجسم المصاب بلطف من جهة أخرى، إن أصبح طريح الفراش لمنع الإصابة بالتقرحات الجلدية.
• القيام بالعلاج الطبيعي أثناء فترة التعافي لتقليل الشعور بالوهن واستعادة القوة العضلية والقدرة الحركية.
• استعمال الأجهزة الطبية التي تُسهِّل حياة المصاب أثناء فترة التعافي، مثل الكراسي التحركة أو العُكّازات.

ما الفرق بين متلازمة غيلان باريه ومرض التصلب اللويحي؟

يكمن الفرق بينهم بالأعصاب المتأثرة، حيث إنه بمتلازمة غيلان باريه يهاجم الجهاز المناعي الأعصاب الطرفية منها اليدين والقدمين ثم ينتشر لباقي أنحاء الجسم، أما مرض التصلب اللويحي فيقوم فيه الجهاز المناعي بمهاجمة أعصاب الجهاز المركزي العصبي المتمثل بالنخاع الشوكي والدماغ.^[١٣]

هل هناك علاقة بين متلازمة غيلان باريه وفيروس كورونا؟

لا توجد أدلة علمية تثبت وجود علاقة سببية بين فيروس كورونا أو مطاعيم فيروس كورونا ومتلازمة غيلان باريه، ولكن وجد أن خطر الإصابة بهذه المتلازمة يزداد عند المتلقين لمطعوم جونسون آند جونسون (Janssen Johnson & Johnson) ومطعوم أسترازينيكا (AstraZeneca) حيث تم إصدار تحذير للمتلقين والطلب منهم بملاحظة أي أعراض قد تظهر عليهم تشير لإصابتهم بمتلازمة غيلان باريه حتى يخضعوا للعلاج بأسرع وقت ممكن، ولكن لم ينطبق هذا التحذير على باقي أنواع اللقاحات ضد فيروس كورونا-19.^[١٤][١٥]